الخميس، 8 ديسمبر 2011

ماهي المروءة ...؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

قال أبو حاتم البستي رحمه الله:

((فالواجب على العاقل أن يلزم إقامة المروءة بما قدر عليه من الخصال المحمودة وترك الخلال المذمومه


وقد نبغت نابغة اتكلوا على آبائهم واتكلوا على أجدادهم في الذكر والمروءات وبعدوا عن القيام بإقامتها بأنفسهم


قال أبو حاتم :



ما رأيت أحدا أخسر صفقة ولا أظهر حسرة ولا أخيب قصدا ولا أقل رشدا ولا أحمق شعارا ولا ادنس دثارا من المفتخر بالآباء الكرام واخلاقهم الجسام مع تعريه عن سلوك أمثالهم وقصد أشباههم متوهما أنهم ارتفعوا بمن قبلهم وسادوا بمن تقدمهم




وهيهات أني يسود المرء على الحقيقه إلا بنفسه وأن ينبل في الدارين إلا بكده

أنبأنا الحسين بن محمد بن مصعب السنجي حدثنا أبو داود السنجي حدثنا عبد الرزاق عن معمر




عن الحسن قال لا دين إلا بمروءة


قال أبو حاتم



اختلف الناس في كيفية المروءة



فمن قائل قال المروءة ثلاثة إكرام الرجال إخوان أبيه وإصلاحه ماله وقعوده على باب داره





ومن قائل قال المروءة إتيان الحق وتعاهد الضعيف




ومن قائل قال المروءة تقوى الله وإصلاح الضيعة والغداء والعشاء في الأفنية




ومن قائل قال المروءة إنصاف الرجل من هو دونه والسمو إلى من هو فوقه والجزاء بما أتى إليه





ومن قائل قال مروءة الرجل صدق لسانه واحتماله عثرات جيرانه وبذله المعروف لأهل زمانه وكفه الأذى عن أباعده وجيرانه





ومن قائل قال إن المروءة التباعد من الخلق الدنى فقط





ومن قائل قال المروءة أن يعتزل الرجل الريبة فإنه إذا كان مريبا كان ذليلا وأن يصلح ماله فإن من أفسد ماله لم يكن له المروءة والإبقاء على نفسه في مطعمه و مشربه

 ومن قائل قال المروءة حسن العشرة وحفظ الفرج واللسان وترك المرء ما يعاب منه





ومن قائل قال المروءة سخاوة النفس وحسن الخلق




ومن قائل قال المروءة العفة والحرفه أي يعف عما حرم الله ويحترف فيما أحل الله




ومن قائل قال المروءة كثرة المال والولد





ومن قائل قال المروءة إذا أعطيت شكرت وإذا ابتليت صبرت وإذا قدرت غفرت وإذا وعدت أنجزت




ومن قائل قال المروءة حسن الحيلة في المطالبة ورقة الظرف في المكاتبة




ومن قائل قال المروءة اللطافة في الأمور وجودة الفطنة





ومن قائل قال المروءة مجانبة الريبة فإنه لا ينبل مريب وإصلاح المال فإنه لا ينبل فقير وقيامه بحوائج أهل بيته فإنه لا ينبل من احتاج أهل بيته الى غيره


ومن قائل قال المروءة النظافة وطيب الرائحة


ومن قائل قال المروءة الفصاحة والسماحة


ومن قائل قال المروءة طلب السلامة واستعطاف الناس




ومن قائل قال المروءة مراعاة العهود والوفاء بالعقود


ومن قائل قال المروءة التذلل للأحباب بالتملق ومداراة الأعداء بالترفق




ومن قائل قال المروءة ملاحة الحركة ورقة الطبع




ومن قائل قال المروءة هي المفاكهه والمباسمه




حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا سويد بن سعيد حدثنا مسلم بن عبيد أبو فراس قال




قال ربيعه المروءه مروئتان فللسفر مروءة وللحضر مروءة


فأما مروءة السفر فبذل الزاد وقلة الخلاف على الأصحاب وكثرة المزاح في غير مساخط الله
وأما مروءة الحضر فالإدمان الى المساجد وكثرة الإخوان في الله وقراءة القرآن


قال أبو حاتم


اختلفت ألفاظهم في كيفية المروءة ومعاني ما قالوا قريبة بعضها من بعض


والمروءة عندي خصلتان اجتناب ما يكره الله والمسلمون من الفعال واستعمال ما يحب الله والمسلمون من الخصال




وهاتان الخصلتان يأتيان على ما ذكرنا قبل من اختلافهم واستعمالهما هو العقل نفسه



ومن أحسن ما يستعين به المرء على إقامة مروءته المال الصالح


ولقد أنشدني منصور بن محمد الكريزي



احتل لنفسك أيها المحتال .. فمن المروءة أن يرى لك مال



كم ناطق وسط الرجال وإنما ... عنهم هناك تكلم الأموال



قال أبو حاتم





الواجب على العاقل أن يقيم مروءته بما قدر عليه ولا سبيل الى إقامة مروءته إلا باليسار من المال فمن رزق ذلك وضن بإنفاقه في إقامة مروءته

فهو الذي خسر الدنيا والآخرة
ولا آمن أن تفجأه المنيه فتسلبه عما ملك كريها وتودعه قبرا وحيدا ثم يرث المال بعد من يأكله ولا يحمده وينفقه ولا يشكره


فأي ندامة تشبه هذه وأي حسرة تزيد عليها ؟؟


ولقد أنشدني محمد بن عبد الله البغدادي





يا جامع المال في الدنيا لوارثه...  هل أنت بالمال قبل الموت منتفع



قدم لنفسك قبل الموت في مهل ... فإن حظك بعد الموت منقطع



أنبأنا المفضل بن محمد الجندي بمكة حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري حدثنا أزهر عن ابن عون عن ابن سيرين





قال ثلاثة ليست من المروءة الأكل في الأسواق والادهان عند العطار والنظر في مرآة الحجام

 حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني حدثنا هشيم عن مغيرة عن الشعبي





قال ليس من المروءة النظر في مرآة الحجام


حدثنا محمد بن يحيى بن الحسن العمي ببغداد حدثنا الصلت بن مسعود حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب قال





سمعت أبا قلابة يقول



ليس من المروءة أن يربح الرجل على صديقه





أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغلابي حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال




كان يقال مجالسة أهل الديانة تجلو عن القلب صدأ الذنوب ومجالسة ذوي المروءات تدل على مكارم الأخلاق ومجالسة العلماء تذكي القلوب


حدثني محمد بن أبي علي الخلادي حدثنا أبو أحمد بن حماد البربري عن سليمان بن أبي شيخ حدثنا محمد بن الحكم عن عوانه قال





قال معاويه بن أبي سفيان آفة المروءة إخوان السوء




قال أبو حاتم


والواجب على العاقل تفقد الأسباب المستحقرة عند العوام من نفسه حتى لا يثلم مروءته





فإن المحقرات من ضد المروءات تؤذي الكامل في الحال بالرجوع في القهقري إلى مراتب العوام وأوباش الناس .)


( روضة العقلاء لأبي حاتم البستي ) بتصرف يسير .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق