الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإنه في حال من انفتاح ما كان يخشاه النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته
في قوله -عليه الصلاة والسلام- : ( أبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله لا الفقر
أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ،
فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم) [1] .
وانفتاح العالم بعضه على بعض ، حتى كثرت في ديار الإسلام الأخلاط ،
وداهمت الأعاجم العرب ، وكثر فيهم أهل الفرق ، يحملون معهم جراثيم المرض
العقدي والسلوكي .
وفي وسط من تداعي الأمم كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (يوشك أن
تداعى عليكم الأمم من كل أفق ... ) [2] ،
وأمام هذا : غياب رؤوس أهل العلم حيناً ، وقعودهم عن تبصير الأمة في الاعتقاد أحياناً ،
وفي حال غفلة سرت إلى مناهج التعليم بضعف التأهيل العقدي ،
وتثبيت مسلمات الاعتقاد في أفئدة الشباب ،
وقيام عوامل الصد والصدود عن غرس العقيدة السلفية وتعاهدها في عقول الأمة .
فى أسباب تمور بالمسلمين موراً ، يجمعها غايتان :
الأولى : كسر حاجز ( الولاء والبراء) بين المسلم والكافر ، وبين السني
والبدعي ، وهو ما يسمى في التركيب المولَّد باسم : ( الحاجز النفسي ) ، فيكسر
تحت شعارات مضللة :( التسامح) ( تأليف القلوب) ( نبذ : الشذوذ والت طرف
والتعصب ) ، ( الإنسانية ) [3] ، ونحوها من الألفاظ ذات البريق ، والتي حقيقتها
(مؤامرات تخريبية) تجتمع لغاية القضاء على المسلم المتميز وعلى الإسلام .
الثانية : فُشو (الأمية الدينية) حتى ينفرط العقد وتتمزق الأمة ، ويسقط المسلم
بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم ، إلى غير ذلك مما يعايشه المسلمون في
قالب :( أزمة فكرية غثائية حادة ) أفقدتهم التوازن في حياتهم ، وزلزلت السند
الاجتماعي للمسلم ( وحدة العقيدة ) ، كلٌّ بقدر ما علَّ من هذه الأسباب ونهل ، فصار
الدخل ، وثار الدخن وضعفت البصيرة ، ووجد أهل الأهواء والبدع مجالاً فسيحاً
لنثر بدعهم ونشرها ، حتى أصبحت في كف كل لافظ ، وذلك من كل أمر تعبدي
محدث لا دليل عليه (خارج عن دائرة وقف العبادات على النص ومورده) .
فامتدت من المبتدعة الأعناق ، وظهر الزيغ ، وعاثوا في الأرض الفساد ،
وتاجرت الأهواء بأقوام بعد أقوام ، فكم سمعنا بالآلاف من المسلمين وبالبلد من ديار
الإسلام يعتقدون طرقاً ونحلاً محاها الإسلام .
إلى آخر ما هنالك من الويلات ، التي يتقلب المسلمون في حرارتها ،
ويتجرعون مرارتها ، وإن كان أهل الأهواء في بعض الولايات الإسلامية هم :
مغمورون ، مقموعون ، وبدعهم مغمورة مقهورة ، بل منهم كثير يؤوبون لرشدهم ،
فحمداً لله على توفيقه ، لكن من ورائهم سرب يحاولون اقتحام العقبة ، لكسر الحاجز
النفسي وتكثيف الأمية الدينية في ظواهر لا يخفى ظهور بصماتها في ساحة
المعاصرة وأمام العين الباصرة .
والشأن هنا في تذكير المسلم بالأسباب الشرعية الواقعية من " المد البدعي ،
واستشرائه بين المسلمين ، والوعاء الشامل لهذه الذكرى " :
القيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة ، والتبصير في الدين ،
وتخليص المنطقة الإسلامية من شوائب البدع والخرافات والأهواء والضلالات ،
وتثبيت قواعد الاعتقاد السلفي المتميز على ضوء الكتاب والسنة في نفوس الأمة .
ومن أبرز معالم التميز العقدي فيها ، وبالغ الحفاوة بالسنة والاعتصام بها ،
وحفظ بيضة الإسلام عما يدنسها :
نصب عامل " الولاء والبراء " فيها ، ومنه : إنزال العقوبات الشرعية على
المبتدعة ، إذا ذكروا فلم يتذكروا ، ونهوا فلم ينتهوا ، إعمالاً لاستصلاحهم وهدايتهم
وأوبتهم بعد غربتهم في مهاوي البدع والضياع ، وتشييداً للحاجز بين السنة والبدعة،
وحاجز النفرة بين السني والبدعي ، وقمعاً للمبتدعة وبدعهم ، وتحجيماً لهم ولها
عن الفساد في الأرض ، وتسرب الزيغ في الاعتقاد ، ليبقى الظهور للسنن صافية
من الكدر ، نقية من علائق الأهواء وشوائب البدع ، جارية على منهاج النبوة وقفو
الأثر ، وفي ظهور السنة أعظم دعوة إليها ودلالة عليها ، وهذا كله عين النصح
للأمة .
فالبصيرة إذاً في العقوبات الشرعية للمبتدع : باب من الفقه الأكبر كبير ،
وشأنه عظيم ، وهو رأس في واجبات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأصل
من أصول الاعتقاد بدلالة الكتاب والسنة والإجماع ، ولهذا تراه بارز المعالم في
كتب الاعتقاد السلفي " اعتقاد أهل السنة والجماعة " .
كل هذا تحت سلطان القاعدة العقدية الكبرى (الولاء والبراء) [4] التي
مدارها على الحب والبغض في الله تعالى ، الذي هو ( أصل الدين) وعليه تدور
رحى العبودية .
وهذه العقوبات الشرعية التي كان يتعامل بها السلف مع أهل البدع والأهواء ،
متنوعة ومتعددة في مجالات :
الرواية ، والشهادة ، والصلاة خلفهم وعليهم ، وعدم توليتهم مناصب العدالة
كالإمامة والقضاء ، والتحذير منهم ومن بدعهم وتعزيرهم بالهجر ، إلى آخر ما تراه
مروياً في كتب السنة والاعتقاد ، مما حررت مجموعه في " أصول الإسلام لدرء
البدع عن الأحكام " .
وما في هذه الرسالة هو في خصوص ( الزجر بالهجر للمبتدع ديانة ) [5]
لأهميته في : التميز ، والردع ، وعموم المطالبة به ، ولأنه أصبح في الغالب من
( السنن المهجورة ) ، تحت العوامل المذكورة في صدر هذه المقدمة،
لهذا رأيت إفراده بهذه الرسالة إحياءً لهذه السنة ، ونشراً لها بضوابطها الشرعية
التي تحفظ للمبتدع كرامته مسلماً ، وتكشف بدعته بوصفه مبتدعاً ، ما لم تكن مكفرة
كبدعة : القدر [6] ، والباب ، والبهاء ... وتحفظ على أهل السنة والجماعة كف
بدعته ومداخلتها في صفوفهم ، وهذا واجب باتفاق المسلمين .
------------------
(1) شرح السنة ، 1/226-227 .
(2) فتح الباري ، 10/496 .
(3) بواسطة تحفة الإخوان ، 45 .
(4) صحيح مسلم 1/27 ، مصنف عبد الرزَّاق 11/114 برقم : 20072 .
(5) اللالكائي برقم 199 .
(6) المصدر السابق برقم 196 .
(7) المصدر السابق برقم 200 ، والطبراني في الأوسط ، كما في مجمع الزوائد 7/204 .
(8) اللالكائي 3/638 برقم 1149 ، والبربهاري برقم 130 والحلية لأبي نعيم 8/103 .
محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإنه في حال من انفتاح ما كان يخشاه النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته
في قوله -عليه الصلاة والسلام- : ( أبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله لا الفقر
أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ،
فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم) [1] .
وانفتاح العالم بعضه على بعض ، حتى كثرت في ديار الإسلام الأخلاط ،
وداهمت الأعاجم العرب ، وكثر فيهم أهل الفرق ، يحملون معهم جراثيم المرض
العقدي والسلوكي .
وفي وسط من تداعي الأمم كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (يوشك أن
تداعى عليكم الأمم من كل أفق ... ) [2] ،
وأمام هذا : غياب رؤوس أهل العلم حيناً ، وقعودهم عن تبصير الأمة في الاعتقاد أحياناً ،
وفي حال غفلة سرت إلى مناهج التعليم بضعف التأهيل العقدي ،
وتثبيت مسلمات الاعتقاد في أفئدة الشباب ،
وقيام عوامل الصد والصدود عن غرس العقيدة السلفية وتعاهدها في عقول الأمة .
فى أسباب تمور بالمسلمين موراً ، يجمعها غايتان :
الأولى : كسر حاجز ( الولاء والبراء) بين المسلم والكافر ، وبين السني
والبدعي ، وهو ما يسمى في التركيب المولَّد باسم : ( الحاجز النفسي ) ، فيكسر
تحت شعارات مضللة :( التسامح) ( تأليف القلوب) ( نبذ : الشذوذ والت طرف
والتعصب ) ، ( الإنسانية ) [3] ، ونحوها من الألفاظ ذات البريق ، والتي حقيقتها
(مؤامرات تخريبية) تجتمع لغاية القضاء على المسلم المتميز وعلى الإسلام .
الثانية : فُشو (الأمية الدينية) حتى ينفرط العقد وتتمزق الأمة ، ويسقط المسلم
بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم ، إلى غير ذلك مما يعايشه المسلمون في
قالب :( أزمة فكرية غثائية حادة ) أفقدتهم التوازن في حياتهم ، وزلزلت السند
الاجتماعي للمسلم ( وحدة العقيدة ) ، كلٌّ بقدر ما علَّ من هذه الأسباب ونهل ، فصار
الدخل ، وثار الدخن وضعفت البصيرة ، ووجد أهل الأهواء والبدع مجالاً فسيحاً
لنثر بدعهم ونشرها ، حتى أصبحت في كف كل لافظ ، وذلك من كل أمر تعبدي
محدث لا دليل عليه (خارج عن دائرة وقف العبادات على النص ومورده) .
فامتدت من المبتدعة الأعناق ، وظهر الزيغ ، وعاثوا في الأرض الفساد ،
وتاجرت الأهواء بأقوام بعد أقوام ، فكم سمعنا بالآلاف من المسلمين وبالبلد من ديار
الإسلام يعتقدون طرقاً ونحلاً محاها الإسلام .
إلى آخر ما هنالك من الويلات ، التي يتقلب المسلمون في حرارتها ،
ويتجرعون مرارتها ، وإن كان أهل الأهواء في بعض الولايات الإسلامية هم :
مغمورون ، مقموعون ، وبدعهم مغمورة مقهورة ، بل منهم كثير يؤوبون لرشدهم ،
فحمداً لله على توفيقه ، لكن من ورائهم سرب يحاولون اقتحام العقبة ، لكسر الحاجز
النفسي وتكثيف الأمية الدينية في ظواهر لا يخفى ظهور بصماتها في ساحة
المعاصرة وأمام العين الباصرة .
والشأن هنا في تذكير المسلم بالأسباب الشرعية الواقعية من " المد البدعي ،
واستشرائه بين المسلمين ، والوعاء الشامل لهذه الذكرى " :
القيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة ، والتبصير في الدين ،
وتخليص المنطقة الإسلامية من شوائب البدع والخرافات والأهواء والضلالات ،
وتثبيت قواعد الاعتقاد السلفي المتميز على ضوء الكتاب والسنة في نفوس الأمة .
ومن أبرز معالم التميز العقدي فيها ، وبالغ الحفاوة بالسنة والاعتصام بها ،
وحفظ بيضة الإسلام عما يدنسها :
نصب عامل " الولاء والبراء " فيها ، ومنه : إنزال العقوبات الشرعية على
المبتدعة ، إذا ذكروا فلم يتذكروا ، ونهوا فلم ينتهوا ، إعمالاً لاستصلاحهم وهدايتهم
وأوبتهم بعد غربتهم في مهاوي البدع والضياع ، وتشييداً للحاجز بين السنة والبدعة،
وحاجز النفرة بين السني والبدعي ، وقمعاً للمبتدعة وبدعهم ، وتحجيماً لهم ولها
عن الفساد في الأرض ، وتسرب الزيغ في الاعتقاد ، ليبقى الظهور للسنن صافية
من الكدر ، نقية من علائق الأهواء وشوائب البدع ، جارية على منهاج النبوة وقفو
الأثر ، وفي ظهور السنة أعظم دعوة إليها ودلالة عليها ، وهذا كله عين النصح
للأمة .
فالبصيرة إذاً في العقوبات الشرعية للمبتدع : باب من الفقه الأكبر كبير ،
وشأنه عظيم ، وهو رأس في واجبات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأصل
من أصول الاعتقاد بدلالة الكتاب والسنة والإجماع ، ولهذا تراه بارز المعالم في
كتب الاعتقاد السلفي " اعتقاد أهل السنة والجماعة " .
كل هذا تحت سلطان القاعدة العقدية الكبرى (الولاء والبراء) [4] التي
مدارها على الحب والبغض في الله تعالى ، الذي هو ( أصل الدين) وعليه تدور
رحى العبودية .
وهذه العقوبات الشرعية التي كان يتعامل بها السلف مع أهل البدع والأهواء ،
متنوعة ومتعددة في مجالات :
الرواية ، والشهادة ، والصلاة خلفهم وعليهم ، وعدم توليتهم مناصب العدالة
كالإمامة والقضاء ، والتحذير منهم ومن بدعهم وتعزيرهم بالهجر ، إلى آخر ما تراه
مروياً في كتب السنة والاعتقاد ، مما حررت مجموعه في " أصول الإسلام لدرء
البدع عن الأحكام " .
وما في هذه الرسالة هو في خصوص ( الزجر بالهجر للمبتدع ديانة ) [5]
لأهميته في : التميز ، والردع ، وعموم المطالبة به ، ولأنه أصبح في الغالب من
( السنن المهجورة ) ، تحت العوامل المذكورة في صدر هذه المقدمة،
لهذا رأيت إفراده بهذه الرسالة إحياءً لهذه السنة ، ونشراً لها بضوابطها الشرعية
التي تحفظ للمبتدع كرامته مسلماً ، وتكشف بدعته بوصفه مبتدعاً ، ما لم تكن مكفرة
كبدعة : القدر [6] ، والباب ، والبهاء ... وتحفظ على أهل السنة والجماعة كف
بدعته ومداخلتها في صفوفهم ، وهذا واجب باتفاق المسلمين .
------------------
(1) شرح السنة ، 1/226-227 .
(2) فتح الباري ، 10/496 .
(3) بواسطة تحفة الإخوان ، 45 .
(4) صحيح مسلم 1/27 ، مصنف عبد الرزَّاق 11/114 برقم : 20072 .
(5) اللالكائي برقم 199 .
(6) المصدر السابق برقم 196 .
(7) المصدر السابق برقم 200 ، والطبراني في الأوسط ، كما في مجمع الزوائد 7/204 .
(8) اللالكائي 3/638 برقم 1149 ، والبربهاري برقم 130 والحلية لأبي نعيم 8/103 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق