\بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقد مضى على تأسيس الدولة السعودية في عهدها الثالث على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله أكثر من مائة عام ظلت النساء فيها محافظات على الحشمة والحجاب بستر وجوههن عن الرجال الأجانب وابتعادهن عن مخالطتهم، وفي الآونة الأخيرة وقبل سنوات قليلة تغيرت أحوالهن وحصل من كثير منهن كشف الوجوه ومخالطة الرجال ومحادثتهم بدون حياء كما هو مشاهد في بعض وسائل الإعلام وفي بعض الوزارات وفي بيعهن في الأسواق وغير ذلك، ومن أسوأ ذلك قيام وزارة التعليم العالي بإحداث أمر للتوسع في الابتعاث أطلقوا عليه اسم «برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي» للتقوي بهذه التسمية على الإكثار من المبتعثين من البنين والبنات حتى من خريجي المرحلة الثانوية، مع كثرة الجامعات الناشئة التي يُستغنى بها عن الابتعاث، وعندما يُسأل بعض أولياء الأمور عن بعض أبنائه يقول: إنه مبتعث مستفيد من برنامج خادم الحرمين الشريفين، وسمعت أحد الأمراء في الإذاعة قبل بضعة أيام يقول: إن المبتعثين والمبتعثات بلغوا مائة وستين ألفاً! وقد عملت الوزارة على جعل البرنامج على فترات، وكل فترة مدتها خمس سنوات، استصدرت الموافقة على الفترة الأولى في أول ولاية الملك عبدالله حفظه الله سنة 1426هـ، ثم استصدرت الموافقة على الفترة الثانية، وفي أثناء هذه الفترة استصدرت الموافقة على الفترة الثالثة حرصاً على تثبيت الابتعاث وضمان استمراره وتكثير سواد المستغربين في المستقبل.
وكان لتعليم البنات رئاسة أُسندت مسئوليتها للمشايخ وكانت البنات محافظات على الاحتشام والفضيلة إلى عام 1423هـ الذي أُنهي فيه هذا العهد وحصل دمجها في وزارة التربية والتعليم وجُعل للوزير نائبان: نائب لشؤون البنين، ونائب لشؤون البنات، وفي عام 1430هـ عُين نائبة للوزير لشؤون البنات يكون تحت ولايتها رجال ونساء، وكتبت في ذلك كلمة بعنوان: «لا يجوز للمرأة الولاية على الرجال» نشرت في 2/3/1430هـ، وعُين في أوائل عام 1434هـ ثلاثون امرأة في مجلس الشورى أثنى عليهن السفير البريطاني في المملكة في كلمته التي نشرتها صحيفة الرياض في 2/4/1434هـ بقوله: «فجميعهن من صاحبات الخبرات الدولية الرفيعة في جميع المجالات»، وقد ذكرت ذلك في كلمة بعنوان: «الآن ظهر انفلات النساء الذي كان يخشاه المشايخ عند تأسيس تعليم البنات» نشرت في 26/7/1434هـ.
وسبق للتغربيين والتغريبيات السعي في أوقات مختلفة لتمكين النساء من قيادة السيارات يحصل فيه لهن تمام الانفلات تخرج معه المرأة من بيتها أية ساعة شاءت من ليل أو نهار فتختلط بمن تشاء وتدخل على من تشاء وتسافر كيف تشاء، ومن حسن حظ أهل هذه البلاد حكومةً وشعباً السلامة من حصول ذلك، وقد كتبت في ذلك رسالة بعنوان: «لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟!» ذكرت فيها عشرة أسباب لتميز النساء في هذه البلاد بالسلامة من قيادة النساء السيارات، وذكرت فيها فتوى بعض كبار العلماء في منع ذلك وإعلان وزارة الداخلية بناء على هذه الفتوى بالمنع منه، وكذا بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في منعه، وكان صدوره في 25/1/1420هـ أي قبل وفاة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله بيومين اثنين، وفتوى كلٍّ من الشيخين الجليلين عبدالعزيز بن باز ومحمد العثيمين رحمهما الله في تحريم ذلك، وكتبت بعد هذه الرسالة أربع كلمات نُشرت في أوقات مختلفة.
ولم يبق للتغريبيين والتغريبيات بعد ذلك إلا المطالبة بتولي النساء التغريبيات الوزارات، فقد نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 20/2/1435هـ في صفحة كاملة المطالبة بذلك من عدد من التغريبيات ورجل على شكلهن وشاكلتهن مع التنويه بما حصل لهن قبل ذلك من أشكال الانفلات، جاء في أول هذه الصفحة ما يلي: «تبوأت المرأة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ العديد من المناصب القيادية، ووصلت إلى منصب «نائب وزير»، ووكيل وزارة، وعضوية مجلس الشورى، والترشيح وحق الانتخاب للمجالس البلدية، ومسؤولية الإدارات العليا في المؤسسات الحكومية، إلى جانب المشاركة في الهيئات والمنظمات والجمعيات واللجان المحلية والدولية، وهو ما يعزز من رؤية الملك المفدى ـ حفظه الله ـ من أن زمن تهميش المرأة ولّى ولن يعود، وتحريك نصف المجتمع المشلول هو لصالح تنمية الوطن وتطوره ويعكس حجم الشراكة والمسؤولية بين أبنائه من الجنسين من دون تفرقة وبين حزمة من الأماني والأحلام لا تغيب صورة المرأة عن المشهد السياسي الذي تطمح إليه؛ فهي تغازل بأحلامها الجلوس على طاولة مجلس الوزراء حتى وإن كان ذلك بمسمى وزيرة دولة «وزيرة من دون حقيبة»، مستندةً في ذلك على ثقة «القيادة» في حضورها اللافت في عدة مناسبات دولية ومحلية، كانت بمثابة المحك الذي أثقل تجربتها لتمثّل وطنها خير تمثيل، وتشارك في صناعة القرار».
وجاء بعد هذا التمهيد في صفحة الصحيفة ذكر اثنتين من عضوات مجلس الشورى هما: هيا المنيع ولبنى الأنصاري جاء في هذه الصفحة: «وذكرت د.هيا عبدالعزيز المنيع عضو مجلس الشورى في اللجنة الاجتماعية للأسرة والشباب أنّ جلوس المرأة على طاولة مجلس الوزراء أمل تنظر إليه الكثير من النساء بمنظور الممكن، ويحق لنا توقع قرب ذلك؛ مع استمرار عملية تمكين المرأة، من خلال تعيينها نائبةً لوزير التعليم، ومديرة لأكبر جامعة نسائية في الشرق الأوسط، إلى جانب كونها قيادية بمرتبة عليا في القطاع الصحي والاجتماعي، ثم الخطوة غير المسبوقة بتعيين (30) سيدة في مجلس الشورى مؤسسة صناعه التشريع، وأضافت أنّه قبل سنتين تقريباً لم يكن متوقعاً أن تجلس سيدة تحت قبة مجلس الشورى، ولكن اليوم تحقق، بل إنّ إحدى السيدات وهي "د.لبنى الأنصاري" ارتقت المنبر في إحدى الجلسات لتقرأ تقرير إحدى الأجهزة باعتبارها نائباً لرئيس اللجنة الصحية، مؤكّدةً على أنّ الأماني في عالم المرأة تجاوزت الحلم إلى الواقع، متوقعةً حضور المرأة بقوة أكثر في المؤسسة التنفيذية».
وجاء في صفحة الصحيفة أيضاً ذكر عدد من التغريبيات أشدن بما حصلت عليه النساء في الآونة الأخيرة من مكاسب في زعمهن يطمعن بعدها في عضوية مجلس الوزراء.
وأما الرجل التغريبي الشبيه بالتغريبيات في المظهر والمخبر فجاء عنه في صفحة الصحيفة: «وتساءل د.محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى الأسبق: من كان يتصور أن تحقق المرأة هذه الإنجازات المتسارعة والناجحة؟، مبيّناً أنّ من جعلها عضوة بمجلس الشورى ونائبة وزير ومديرة جامعة قادر على أن يزف إليها خبر انضمامها عضواً بمجلس الوزراء، موضحاً أنّها خطوات خطتها المرأة بشكل متقدم في ظل قيادة واعية لأهمية دورها ومكانتها بالمجتمع، والذي في أغلبيته لا يعارض تقدمها، ولكن هناك من يحاول أن يستخدم ما يسمى بالمجتمع الرافض لأي تقدم لمسيرتها ومكانتها، مستدركاً: ولكن ما دام لدينا قيادة واعية وأغلبية صامتة تؤيد ولا تعارض في أن تكون المرأة في مراكز مرموقة ومتقدمة؛ فإنني متفائل أنّها قريباً ستكون عضواً في مجلس الوزراء، ولفت د.آل زلفة إلى أنّه لا يوجد ما يمنع مشاركة المرأة في مجلس الوزراء، فالمرأة في الإسلام كانت تحضر جميع تحركات المجتمع الإسلامي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت مع المسلمين في المسجد والسوق وكانت شريكة في المعارك، ومن منظور ديني فلا يوجد محظور، ومن منظور اجتماعي فالمجتمع تقدم وأصبح واعياً ومعترفاً بأنّها نصف المجتمع، مبيناً أنّ النساء أثبتن تفوقهن على جميع المستويات، معتبراً أنّ وصول امرأة لمجلس الوزراء سيساهم في سماع صوت نصف المجتمع في اتخاذ القرارات، ورسم السياسيات المبنية على صاحبات الخبرة والمعرفة والعلم والثقة».
وأنبه حول كلامه هذا بما يلي:
1ـ هذا الرجل له اهتمام بالغ بانفلات النساء في بلاد الحرمين، يتضح ذلك بما كان يعرضه في مجلس الشورى عندما كان عضواً فيه وبما تنشره عنه بعض الصحف المحلية والالكترونية في ذلك، أصلح الله حاله وفعاله.
2ـ هذه الإنجازات المتسارعة والناجحة التي زعمها مما حصل للمرأة من أنواع الانفلات هي التي شجعت هذا التغريبي وغيره من التغريبيين والتغريبيات على المطالبة بتولي التغريبيات الوزارات.
3ـ هذه الإنجازات التي زعمها في انفلات النساء لم يكن يتصور كل ناصح لهذه البلاد حكومة وشعباً في زمن شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله أنها ستحصل بعد وفاته، ولكنها وقعت في فترة وجيزة بعد وفاته بجهود حثيثة من التغريبيين لاسيما كبارهم المتمكنين في الدولة.
4ـ لم يقف هذا التغريبي عند حد التأييد والمطالبة بانفلات النساء، بل أقحم نفسه في الفتوى وقال: «لا يوجد ما يمنع مشاركة المرأة في مجلس الوزراء، فالمرأة في الإسلام كانت تحضر جميع تحركات المجتمع الإسلامي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت مع المسلمين في المسجد والسوق وكانت شريكة في المعارك، ومن منظور ديني فلا يوجد محظور».
5ـ ما زعمه هذا التغريبي في فتواه من حضور النساء جميع تحركات المجتمع ...إلخ غير صحيح؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يأذن لهن في حضور مجالسه مختلطات بالرجال، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن» الحديث رواه البخاري (101) ومسلم (6699)، وهذا أيضاً عمل صحابته من بعده رضي الله عنهم، فإن المهاجرين والأنصار لما اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لمبايعة أبي بكر رضي الله عنه لم يُذكر فيهم امرأة واحدة، وكذا في بيعته العامة في المسجد، وأما حضورهن للمساجد فليس واجباً عليهن، بل أخبر صلى الله عليه وسلم أن صلاتهن في البيوت خير لهن، ونهى الرجال عن منعهن من الإتيان إلى المساجد، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن» رواه أبو داود (567) بإسناد صحيح، وجاء في السنة أن النساء يصلين وراء الرجال مع ترغيبهن في التباعد عنهم وأنهن بعد سلام الإمام ينصرفن قبل الرجال؛ لألا يحصل اختلاطهن معهم، قال صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» رواه مسلم (985)، وفي صحيح البخاري (870) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسيراً قبل أن يقوم؛ قال: ـ أي أحد الرواة ـ نرى ـ والله أعلم ـ أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال»، ورواه النسائي (1333) ولفظه: «أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من الصلاة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال».
وكانت نساء سلف الأمة إذا خرجن من بيوتهن لحاجة خرجن متحجبات لا متبرجات كما هو شأن التغريبيات في هذا الزمان، وخروج الصحابيات في الغزو مع أزواجهن لخدمتهم ومداواة الجرحى لا للقتال والمشاركة في المعارك، ويصدق على تجرؤ هذا التغريبي على هذه الفتوى المنابذة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قول الشاعر:
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس
وهذا البيت فيه وصف دابة بالهُزال الشديد الذي ظهر معه كُليتاها من اليمين والشمال من شدة ضمور بطنها حتى تقدَّم لشرائها من ليس عنده إلا الفلوس التي تَقِلُّ عن الدرهم الواحد، وهي التي تسمى قروشاً في هذا الزمان.
6ـ أما ما زعمه من أن الأغلبية في هذه البلاد صامتة تؤيد ولا تعارض في أن تكون المرأة في مراكز مرموقة ومتقدمة فبعيد عن الصحة؛ لأن الأغلبية في شعب بلاد الحرمين تؤيد احتشام النساء وتعارض انفلاتهن ولا يؤيد هذا الانفلات إلا التغريبيون الذين يلهثون وراء تقليد الغرب في كل ما فيه مضرة وهم قلة قليلة.
وأقول في الختام: ما أعظم وما أكثر المصائب التي جلبها التغريبيون لبلاد الحرمين بعد وفاة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وما أعظم الجناية على خادم الحرمين الملك عبدالله حفظه الله من كبار التغريبيين من بعض الوزراء وغيرهم ـ وعلى رأس الجميع رئيس الديوان الملكي ـ بمكرهم وجدهم لإحداث هذا الانفلات في عهده، عليهم جميعاً من الله ما يستحقون.
وأسأل الله عز وجل أن يحفظ هذه البلاد حكومة وشعباً من كل شر ويوفقها لكل خير، وأن يوفق ولاة الأمر فيها للأخذ بنصح الناصحين الذين يدعونهم إلى الجنة، والسلامة من مكر الماكرين الذين يدعونهم إلى النار، وأن يهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة ويصرف عنهم بطانة السوء الماكرة بما يشاء، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
http://www.al-abbaad.com/index.php/a...119-1435-03-06
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقد مضى على تأسيس الدولة السعودية في عهدها الثالث على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله أكثر من مائة عام ظلت النساء فيها محافظات على الحشمة والحجاب بستر وجوههن عن الرجال الأجانب وابتعادهن عن مخالطتهم، وفي الآونة الأخيرة وقبل سنوات قليلة تغيرت أحوالهن وحصل من كثير منهن كشف الوجوه ومخالطة الرجال ومحادثتهم بدون حياء كما هو مشاهد في بعض وسائل الإعلام وفي بعض الوزارات وفي بيعهن في الأسواق وغير ذلك، ومن أسوأ ذلك قيام وزارة التعليم العالي بإحداث أمر للتوسع في الابتعاث أطلقوا عليه اسم «برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي» للتقوي بهذه التسمية على الإكثار من المبتعثين من البنين والبنات حتى من خريجي المرحلة الثانوية، مع كثرة الجامعات الناشئة التي يُستغنى بها عن الابتعاث، وعندما يُسأل بعض أولياء الأمور عن بعض أبنائه يقول: إنه مبتعث مستفيد من برنامج خادم الحرمين الشريفين، وسمعت أحد الأمراء في الإذاعة قبل بضعة أيام يقول: إن المبتعثين والمبتعثات بلغوا مائة وستين ألفاً! وقد عملت الوزارة على جعل البرنامج على فترات، وكل فترة مدتها خمس سنوات، استصدرت الموافقة على الفترة الأولى في أول ولاية الملك عبدالله حفظه الله سنة 1426هـ، ثم استصدرت الموافقة على الفترة الثانية، وفي أثناء هذه الفترة استصدرت الموافقة على الفترة الثالثة حرصاً على تثبيت الابتعاث وضمان استمراره وتكثير سواد المستغربين في المستقبل.
وكان لتعليم البنات رئاسة أُسندت مسئوليتها للمشايخ وكانت البنات محافظات على الاحتشام والفضيلة إلى عام 1423هـ الذي أُنهي فيه هذا العهد وحصل دمجها في وزارة التربية والتعليم وجُعل للوزير نائبان: نائب لشؤون البنين، ونائب لشؤون البنات، وفي عام 1430هـ عُين نائبة للوزير لشؤون البنات يكون تحت ولايتها رجال ونساء، وكتبت في ذلك كلمة بعنوان: «لا يجوز للمرأة الولاية على الرجال» نشرت في 2/3/1430هـ، وعُين في أوائل عام 1434هـ ثلاثون امرأة في مجلس الشورى أثنى عليهن السفير البريطاني في المملكة في كلمته التي نشرتها صحيفة الرياض في 2/4/1434هـ بقوله: «فجميعهن من صاحبات الخبرات الدولية الرفيعة في جميع المجالات»، وقد ذكرت ذلك في كلمة بعنوان: «الآن ظهر انفلات النساء الذي كان يخشاه المشايخ عند تأسيس تعليم البنات» نشرت في 26/7/1434هـ.
وسبق للتغربيين والتغريبيات السعي في أوقات مختلفة لتمكين النساء من قيادة السيارات يحصل فيه لهن تمام الانفلات تخرج معه المرأة من بيتها أية ساعة شاءت من ليل أو نهار فتختلط بمن تشاء وتدخل على من تشاء وتسافر كيف تشاء، ومن حسن حظ أهل هذه البلاد حكومةً وشعباً السلامة من حصول ذلك، وقد كتبت في ذلك رسالة بعنوان: «لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟!» ذكرت فيها عشرة أسباب لتميز النساء في هذه البلاد بالسلامة من قيادة النساء السيارات، وذكرت فيها فتوى بعض كبار العلماء في منع ذلك وإعلان وزارة الداخلية بناء على هذه الفتوى بالمنع منه، وكذا بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في منعه، وكان صدوره في 25/1/1420هـ أي قبل وفاة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله بيومين اثنين، وفتوى كلٍّ من الشيخين الجليلين عبدالعزيز بن باز ومحمد العثيمين رحمهما الله في تحريم ذلك، وكتبت بعد هذه الرسالة أربع كلمات نُشرت في أوقات مختلفة.
ولم يبق للتغريبيين والتغريبيات بعد ذلك إلا المطالبة بتولي النساء التغريبيات الوزارات، فقد نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 20/2/1435هـ في صفحة كاملة المطالبة بذلك من عدد من التغريبيات ورجل على شكلهن وشاكلتهن مع التنويه بما حصل لهن قبل ذلك من أشكال الانفلات، جاء في أول هذه الصفحة ما يلي: «تبوأت المرأة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ العديد من المناصب القيادية، ووصلت إلى منصب «نائب وزير»، ووكيل وزارة، وعضوية مجلس الشورى، والترشيح وحق الانتخاب للمجالس البلدية، ومسؤولية الإدارات العليا في المؤسسات الحكومية، إلى جانب المشاركة في الهيئات والمنظمات والجمعيات واللجان المحلية والدولية، وهو ما يعزز من رؤية الملك المفدى ـ حفظه الله ـ من أن زمن تهميش المرأة ولّى ولن يعود، وتحريك نصف المجتمع المشلول هو لصالح تنمية الوطن وتطوره ويعكس حجم الشراكة والمسؤولية بين أبنائه من الجنسين من دون تفرقة وبين حزمة من الأماني والأحلام لا تغيب صورة المرأة عن المشهد السياسي الذي تطمح إليه؛ فهي تغازل بأحلامها الجلوس على طاولة مجلس الوزراء حتى وإن كان ذلك بمسمى وزيرة دولة «وزيرة من دون حقيبة»، مستندةً في ذلك على ثقة «القيادة» في حضورها اللافت في عدة مناسبات دولية ومحلية، كانت بمثابة المحك الذي أثقل تجربتها لتمثّل وطنها خير تمثيل، وتشارك في صناعة القرار».
وجاء بعد هذا التمهيد في صفحة الصحيفة ذكر اثنتين من عضوات مجلس الشورى هما: هيا المنيع ولبنى الأنصاري جاء في هذه الصفحة: «وذكرت د.هيا عبدالعزيز المنيع عضو مجلس الشورى في اللجنة الاجتماعية للأسرة والشباب أنّ جلوس المرأة على طاولة مجلس الوزراء أمل تنظر إليه الكثير من النساء بمنظور الممكن، ويحق لنا توقع قرب ذلك؛ مع استمرار عملية تمكين المرأة، من خلال تعيينها نائبةً لوزير التعليم، ومديرة لأكبر جامعة نسائية في الشرق الأوسط، إلى جانب كونها قيادية بمرتبة عليا في القطاع الصحي والاجتماعي، ثم الخطوة غير المسبوقة بتعيين (30) سيدة في مجلس الشورى مؤسسة صناعه التشريع، وأضافت أنّه قبل سنتين تقريباً لم يكن متوقعاً أن تجلس سيدة تحت قبة مجلس الشورى، ولكن اليوم تحقق، بل إنّ إحدى السيدات وهي "د.لبنى الأنصاري" ارتقت المنبر في إحدى الجلسات لتقرأ تقرير إحدى الأجهزة باعتبارها نائباً لرئيس اللجنة الصحية، مؤكّدةً على أنّ الأماني في عالم المرأة تجاوزت الحلم إلى الواقع، متوقعةً حضور المرأة بقوة أكثر في المؤسسة التنفيذية».
وجاء في صفحة الصحيفة أيضاً ذكر عدد من التغريبيات أشدن بما حصلت عليه النساء في الآونة الأخيرة من مكاسب في زعمهن يطمعن بعدها في عضوية مجلس الوزراء.
وأما الرجل التغريبي الشبيه بالتغريبيات في المظهر والمخبر فجاء عنه في صفحة الصحيفة: «وتساءل د.محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى الأسبق: من كان يتصور أن تحقق المرأة هذه الإنجازات المتسارعة والناجحة؟، مبيّناً أنّ من جعلها عضوة بمجلس الشورى ونائبة وزير ومديرة جامعة قادر على أن يزف إليها خبر انضمامها عضواً بمجلس الوزراء، موضحاً أنّها خطوات خطتها المرأة بشكل متقدم في ظل قيادة واعية لأهمية دورها ومكانتها بالمجتمع، والذي في أغلبيته لا يعارض تقدمها، ولكن هناك من يحاول أن يستخدم ما يسمى بالمجتمع الرافض لأي تقدم لمسيرتها ومكانتها، مستدركاً: ولكن ما دام لدينا قيادة واعية وأغلبية صامتة تؤيد ولا تعارض في أن تكون المرأة في مراكز مرموقة ومتقدمة؛ فإنني متفائل أنّها قريباً ستكون عضواً في مجلس الوزراء، ولفت د.آل زلفة إلى أنّه لا يوجد ما يمنع مشاركة المرأة في مجلس الوزراء، فالمرأة في الإسلام كانت تحضر جميع تحركات المجتمع الإسلامي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت مع المسلمين في المسجد والسوق وكانت شريكة في المعارك، ومن منظور ديني فلا يوجد محظور، ومن منظور اجتماعي فالمجتمع تقدم وأصبح واعياً ومعترفاً بأنّها نصف المجتمع، مبيناً أنّ النساء أثبتن تفوقهن على جميع المستويات، معتبراً أنّ وصول امرأة لمجلس الوزراء سيساهم في سماع صوت نصف المجتمع في اتخاذ القرارات، ورسم السياسيات المبنية على صاحبات الخبرة والمعرفة والعلم والثقة».
وأنبه حول كلامه هذا بما يلي:
1ـ هذا الرجل له اهتمام بالغ بانفلات النساء في بلاد الحرمين، يتضح ذلك بما كان يعرضه في مجلس الشورى عندما كان عضواً فيه وبما تنشره عنه بعض الصحف المحلية والالكترونية في ذلك، أصلح الله حاله وفعاله.
2ـ هذه الإنجازات المتسارعة والناجحة التي زعمها مما حصل للمرأة من أنواع الانفلات هي التي شجعت هذا التغريبي وغيره من التغريبيين والتغريبيات على المطالبة بتولي التغريبيات الوزارات.
3ـ هذه الإنجازات التي زعمها في انفلات النساء لم يكن يتصور كل ناصح لهذه البلاد حكومة وشعباً في زمن شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله أنها ستحصل بعد وفاته، ولكنها وقعت في فترة وجيزة بعد وفاته بجهود حثيثة من التغريبيين لاسيما كبارهم المتمكنين في الدولة.
4ـ لم يقف هذا التغريبي عند حد التأييد والمطالبة بانفلات النساء، بل أقحم نفسه في الفتوى وقال: «لا يوجد ما يمنع مشاركة المرأة في مجلس الوزراء، فالمرأة في الإسلام كانت تحضر جميع تحركات المجتمع الإسلامي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت مع المسلمين في المسجد والسوق وكانت شريكة في المعارك، ومن منظور ديني فلا يوجد محظور».
5ـ ما زعمه هذا التغريبي في فتواه من حضور النساء جميع تحركات المجتمع ...إلخ غير صحيح؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يأذن لهن في حضور مجالسه مختلطات بالرجال، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن» الحديث رواه البخاري (101) ومسلم (6699)، وهذا أيضاً عمل صحابته من بعده رضي الله عنهم، فإن المهاجرين والأنصار لما اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لمبايعة أبي بكر رضي الله عنه لم يُذكر فيهم امرأة واحدة، وكذا في بيعته العامة في المسجد، وأما حضورهن للمساجد فليس واجباً عليهن، بل أخبر صلى الله عليه وسلم أن صلاتهن في البيوت خير لهن، ونهى الرجال عن منعهن من الإتيان إلى المساجد، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن» رواه أبو داود (567) بإسناد صحيح، وجاء في السنة أن النساء يصلين وراء الرجال مع ترغيبهن في التباعد عنهم وأنهن بعد سلام الإمام ينصرفن قبل الرجال؛ لألا يحصل اختلاطهن معهم، قال صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» رواه مسلم (985)، وفي صحيح البخاري (870) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسيراً قبل أن يقوم؛ قال: ـ أي أحد الرواة ـ نرى ـ والله أعلم ـ أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال»، ورواه النسائي (1333) ولفظه: «أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من الصلاة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال».
وكانت نساء سلف الأمة إذا خرجن من بيوتهن لحاجة خرجن متحجبات لا متبرجات كما هو شأن التغريبيات في هذا الزمان، وخروج الصحابيات في الغزو مع أزواجهن لخدمتهم ومداواة الجرحى لا للقتال والمشاركة في المعارك، ويصدق على تجرؤ هذا التغريبي على هذه الفتوى المنابذة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قول الشاعر:
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس
وهذا البيت فيه وصف دابة بالهُزال الشديد الذي ظهر معه كُليتاها من اليمين والشمال من شدة ضمور بطنها حتى تقدَّم لشرائها من ليس عنده إلا الفلوس التي تَقِلُّ عن الدرهم الواحد، وهي التي تسمى قروشاً في هذا الزمان.
6ـ أما ما زعمه من أن الأغلبية في هذه البلاد صامتة تؤيد ولا تعارض في أن تكون المرأة في مراكز مرموقة ومتقدمة فبعيد عن الصحة؛ لأن الأغلبية في شعب بلاد الحرمين تؤيد احتشام النساء وتعارض انفلاتهن ولا يؤيد هذا الانفلات إلا التغريبيون الذين يلهثون وراء تقليد الغرب في كل ما فيه مضرة وهم قلة قليلة.
وأقول في الختام: ما أعظم وما أكثر المصائب التي جلبها التغريبيون لبلاد الحرمين بعد وفاة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وما أعظم الجناية على خادم الحرمين الملك عبدالله حفظه الله من كبار التغريبيين من بعض الوزراء وغيرهم ـ وعلى رأس الجميع رئيس الديوان الملكي ـ بمكرهم وجدهم لإحداث هذا الانفلات في عهده، عليهم جميعاً من الله ما يستحقون.
وأسأل الله عز وجل أن يحفظ هذه البلاد حكومة وشعباً من كل شر ويوفقها لكل خير، وأن يوفق ولاة الأمر فيها للأخذ بنصح الناصحين الذين يدعونهم إلى الجنة، والسلامة من مكر الماكرين الذين يدعونهم إلى النار، وأن يهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة ويصرف عنهم بطانة السوء الماكرة بما يشاء، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
http://www.al-abbaad.com/index.php/a...119-1435-03-06
__________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق